بعد أن كان تنظيم داعش الإرهابي ينشر الرعب في العالم أجمع باتت اليوم قوته أضعف مما كانت بكثير، لدرجة أنه لجأ لـ"تكفير" عناصره الذين فروا والذين يفكرون في الفرار، فضلاً تنفيذ التنظيم إعدامات بحق النساء وذلك للحافظ على المنطقة المتبقية تحت سيطرته شرق الفرات.
وكان التنظيم قد أعدم أربع نساء رميا بالرصاص في بلدة الشعفة بريف دير الزور الجنوبي الشرقي بتهمة التخابر مع الحكومة السورية، حسب ما أكدت مصادر أهلية في تقارير صحفية دولية.
من جانبه، وثّق "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، ومقره في بريطانيا، إعدام التنظيم لامرأتين في البلدة بتهمة التعامل مع "قوات سوريا الديمقراطية" ("قسد") ذات الأغلبية الكردية.
جيب داعش
في غضون ذلك، ذكر "المرصد" أن الجيب الأخير لـ"داعش" شرق الفرات يشهد هجوما متجددا لمسلحي التنظيم على مواقع "قوات سوريا الديمقراطية"، حيث تدور اشتباكات عنيفة على مشارف بلدة هجين، وسط أنباء عن وقوع خسائر من الطرفين.
ويأتي ذلك بالتزامن مع استكمال "قوات سوريا الديمقراطية" والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة تحضيراتهما لإطلاق عملية عسكرية من أجل مسح "داعش" من المنطقة، حسب "المرصد".
وفي وقت سابق أعلنت قوات سوريا الديمقراطية في بيان لها عن استئناف عملياتها العسكرية ضد "داعش" في شرق البلاد، بعد 10 أيام على تعليقها ردا على القصف التركي لمناطق سيطرة الأكراد شمالا.
المعركة الأخيرة
ومع بدء القوات التركية منذ نهاية أكتوبر الماضي استهداف مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، وتهديد أنقرة بشن هجوم واسع ضدها، خيّم التوتر على الأجواء في شمال سورية.
ودفعت الهجمات التركية التحالف الدولي لخفض التوتر عبر التواصل مع كل من قوات سوريا الديمقراطية وأنقرة، وبدأ في الـ 4 من نوفمبر الجاري بتسيير دوريات في المنطقة الحدودية مع تركيا.
وكانت "قوات سوريا الديموقراطية" التي أطلقت "المعركة الأخيرة" ضد "داعش" في هجين بإسناد أمريكي في الـ10 من سبتمبر الماضي، قالت إن نحو ثلاثة آلاف مسلح يتحصنون في المنطقة، التي تعد أحد آخر جيوب التنظيم في سوريا.
عدد محدود
ويتراوح عدد مسلحي داعش في شرقي الفرات بين ألف وخمسمئة إلى ألفي شخص وفقا لتقديرات قائد قوة المهام المشتركة في التحالف الدولي الذي تقودة أمريكا الجنرال كريستوفر غيكا.
فيما تقدر قوات سوريا الديموقراطية عدد عناصر داعش بنحو ثلاثة آلاف "جهادي" في منطقة هجين، أحد آخر جيوب تنظيم "داعش" في سوريا.
وبعد نحو 4 سنوات مني التنظيم بخسائر كبيرة وفقد غالبية المناطقي التي كان قد سيطر عليها في سوريا، كما هزم هزيمة كبيرة في العراق بعد معارك خاضتها القوات الحكومية العراقية والحشد الشعبي بإسناد من التحالف الدولي.
تقدم بطيئ
وبدأ "التحالف الدولي" لمحاربة "داعش" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضرباته الجوية في العراق في أغسطس 2014، بعد أيام معدودة من بث التنظيم فيديو مصور يظهر عملية إعدام المواطن الأمريكي الصحفي جيمس فولي ذبحا، وكان ذلك بعد مرور أقل من شهرين على إعلان البغدادي قيام "دولة الخلافة" وعاصمتها الموصل.
وتستمر حملة قوات سوريا الديمقراطية لطرد مسلحي "داعش" بشكل نهائي في هجين للشهر الثاني على التوالي، وذلك بتقدم بطيء بسبب انتشار نقاط التنظيم بين الكتل السكانية.
وأمام التقدم الملحوظ قوات سوريا الديمقراطية أعلن العراق حالة التأهب الأمني على حدوده مع سوريا من أجل تضييق الخناق على عناصر تنظيم داعش، ومنع تسللهم من الأراضي السورية إلى قضاء القائم أقصى غربي العراق.
استماتة داعشية
وتستميت داعش للبقاء فى شرق الفرات تحديدا في هجين؛ لأنها تعد أكبر مدن الريف الشرقى لدير الزور، ويبلغ عدد سكانها حوالى ١٠٠ ألف نسمة، وهو ما يوفر فرصة كبيرة للتنظيم للاختباء بين المدنيين من جهة، وتجنيد عملاء جدد، من جهة أخرى، بالإضافة إلى قربها من الحدود مع العراق، وتعرضها كثيرا لعواصف رملية تساعده فى الإفلات من الضربات الجوية للتحالف الدولي.
بدوره قال المحلل السياسي السوري صفوان الخطيب، إن تنظيم داعش لديه رغبة قوية من أجل العودة بقوة وذلك لن يتحقق بالنسبة له إلا بالسيطرة على حقول النفط والغاز بدير الزور.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن التنظيم الإرهابي خسر معاقله على مدار عامين في العراق وسوريا، وبالتالي أصبحت خزائنه فارغة لذا هو يريد ملئ هذه الخزائن من جديد لإمكانية تمدده مره أخرى في مناطق جديدة.
وأوضح أن داعش أصبح أضعف بمراحل من بداية ظهوره، وإذا كان يفكر في العودة من جديد بنفس الشكل القديم فهذا غباء، لأن الضغط الآن أصبح أقوى والمجتمع المدني سواء في العراق أو سوريا لن يقبله.
ويخوض التنظيم المعارك بهذه الاستماتة لاستعادة السيطرة مجددا على محافظة دير الزور بالكامل الغنية بالنفط، التى نجحت القوات السورية وتحت غطاء جوى روسي، من تحرير مدنها من قبضة التنظيم فى نوفمبر ٢٠١٧.
دعم دولي
فيما قال المحلل السياسي العراقي أحمد الملاح، إن إعدمات التنظيم لم تكون الأولى ولن تكون الأخيرة، لكن إعدمات التنظيم لعناصره أو لعملاؤه وتكفيرهم يشير إلى أن التنظيم في أضعف حالاته.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن الضربات التي تلقاها تنظيم داعش الإرهابي منذ إعلان دولته المزعومة وحتى انحساره في العراق وسوريا تؤكد أيضاً أن هذا لم يكن مجرد تنظيم متطرف نشأ بشكل عشوائي وإنما هو ظهر بدعم دولي ومازال هذا الدعم حتى الآن.
وأوضح أن ما يؤكد أنه مدعوم دولياً لتنفيذ مخطط تخريبي هو إصراره على على عدم التخلي عن سوريا تحديداً على الرغم من أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة إلا أن هناك جهة تأتي وتنعشه من جديد ليواصل.
المصدر :