قمة حاسمة تجمع اليوم الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، تستهدف حل المسائل العالقة في القضية السورية.
القمة التي ستعقد في مدينة إسطنبول التركية، تأتي بمناسبة إنهاء جزء من خط أنابيب الغاز لنقل الغاز الروسي عبر البحر الأسود إلى الساحل التركي.
ووفق تقارير إعلامية، فإنّ هذه القمة المرتقبة تناقش ملفات الوضع في إدلب وتنفيذ اتفاق سوتشي الأخير واللجنة الدستورية، وذلك بعدما تم الحديث عن تقارب تركي أمريكي، وعن خلافات حول القسم الثالث من اللجنة الدستورية الخاص بالمجتمع المدني، وعن رغبة تركية في توسيع اللجنة، وعن عدم اتفاق اللجان الروسية التركية في اجتماعاتها المتتالية وإحالة جميع الملفات على لقاء اليوم.
ميدانيًّا، تأتي هذه القمة في وقتٍ يواصل فيه النظام خرق اتفاق المنطقة منزوعة السلاح الذي توصل إليه الرئيسان بوتين وأردوغان في شهر سبتمبر الماضي، حيث أخذت أنقرة على عاتقها مهمة سحب السلاح الثقيل والمتوسط الذي تتوفر عليه التنظيمات المتطرفة الموجودة بكثافة هناك، وهي المنطقة التي تتولى تركيا مسؤولية ضبط الأمور فيها، فضلًا عن إخلاء أفراد تلك المجموعات من عمق المنطقة التي تمّ تحديدها بين 15-20 كيلو مترًا.
ويُنتظر من قمة اليوم أن تبحث ملف اللجنة الدستورية، حيث تسود نقطة خلافية تركية روسية، وذلك حول حول القائمة الثالثة التي تعكف الدول الضامنة على تشكيلها بعد قائمتين من النظام والمعارضة.
وبحسب مؤتمر الحوار السوري الذي عُقد في سوتشي نهاية يناير الماضي، من المفترض أن تتشكّل اللجنة الدستورية من ثلاث قوائم، واحدة يقدّمها النظام، وأخرى المعارضة، وثالثة يقدّمها المبعوث الأممي بالتشاور مع الدول الضامنة، لكن تعترض كلٌ من إيران وروسيا على قائمة "المبعوث"، في مسعى للحصول على نسبة أكبر في القائمة الثالثة، عبر الزجّ بأكبر عدد من الأسماء الموالية لها.
وتعد اللجنة الدستورية أحد جهود موسكو السياسية، التي تسعى بالتوازي إلى إعادة اللاجئين السوريين وبدء إعادة الإعمار على نفقة الدول الغربية، التي تشترط بدء عملية انتقال سياسي حقيقية قبل الخوض في تلك المسائل.
وذكرت تقارير إعلامية أنّ أنقرة تعول على الاستفادة من مشروع نقل الغاز، وإنجاز الجزء المتعلق بخط السيل التركي وصولاً إلى أوروبا، الذي تهتم به روسيا كثيرًا، من أجل الحصول على مكاسب من موسكو في الملف السوري، وبخاصةً في عملية تشكيل اللجنة الدستورية والشروع في المرحلة الانتقالية.
وقد تحدّثت مصادر للعربي الجديد عن أنّ روسيا وتركيا تحافظان على مواقعهما حاليًّا في سوريا من أجل المرحلة المقبلة، التي لم يتحدد فيها موقف واضح في ما يخص اللجنة الدستورية والأولويات، فروسيا ما زالت تسعى من أجل مصالحات على نسق ما تم في مناطق أخرى، في مقابل تطلع تركي إلى مرحلة انتقالية تشمل كتابة دستور جديد، وتنظيم انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، يشارك فيها كل السوريين داخل سوريا وخارجها.
وشددت المصادر على أنّ الطرفين التركي والروسي يحاولان استيعاب بعضهما البعض، وهو ما يعني أنّ لا شراكة استراتيجية متكاملة، ولا توجد تفاهمات بعيدة المدى، ما يعني أنّ الاتفاقات في إدلب ليست بالضرورة طويلة المدى، وربما تحصل المواجهة مستقبلًا، إذا لم تبدأ المرحلة الانتقالية، وهو ما يعطي لقمة اليوم زخمًا كبيرًا.
في حديثه عن القمة المرتقبة، يرى الكاتب والمحلل السياسي ماجد كيالي أنّ كلًا من أردوغان وبوتين يريد تحقيق أجندة معينة.
ويقول في تصريحات متلفزة: "أردوغان لديه عدة ملفات، تتمثل في الحفاظ على منطقة خفض التصعيد في إدلب، وهو أمر تأخذه تركيا على محمل الجد، وهو على رأس أولوياتها في الشأن السوري، وأيضًا الوضع في شرق الفرات، وتحديدًا محاصرة نفوذ قوات سوريا الديمقراطية".
ويضيف: "نحن أمام مشروعات مختلفة، واللجنة الدستورية عل رأس أعمال قمة اليوم، وهي تحظى باهتمام الطرفين، بمعنى أنّ الطرف الروسي أيضًا مهتم بإنجاز معين فيما يتعلق باللجنة، وهم معنٍ أيضًا بالحفاظ على علاقته مع تركيا في إدارة الملف السوري".
ويتابع: "منذ فترة ونحن أمام مشهد جديد، باتت روسيا وتركيا هما اللذان يمسكان أغلب أوراق الورقة السورية من كافة الجوانب إن كان عل المستوى الميداني أو على المستوى تقرير الوضع السياسي".
تعليقًا على هذه التطورات أيضًا، يقول القيادي في الجيش السوري الحر فاتح حسون إنّ "التنسيق بين روسيا وتركيا أمر منطقي" لا سيّما في ظل وجود قضايا شائكة مثل إدلب ومناطق الشمال.
ويضيف في تصريحات إذاعية، أنّه هذا اللقاء يهيئ لـ"ضبط إيقاع" اجتماع أستانة المزمع عقده في نهاية شهر نوفمبر الجاري.
ويوضح أنّ القضية الأخرى التي ستتم مناقشتها ومحاولة حسمها هي اللجنة الدستورية، متابعًا: "هذه القضية مهمة جدًا، وكانت محورًا في القمة الرباعية التي عقدت في إسطنبول، وكان هناك تأكيد عليها".
ويشير إلى أنّ تشكيل هذه الهيئة الدستورية لا يزال متعثرًا، رغم التوافق الدولي عليها، وتشجيع مختلف القوى لها، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
ويواصل قائلًا: "كما هو معلوم، فنظام الأسد هو من يعرقل هذا المسار، ولا رغبة لديه في المشاركة في هذه اللجنة، ومن ناحية أخرى هناك دفع من الجانب التركي لضم أسماء تمثل شرائح وأطياف سورية أوسع، من خلال توسعة الهيئة الدستورية، الأمر الذي سيزيد تعقيد المشهد".
كما توقع أن تكون هناك مخرجات إيجابية من لقاء الرئيسين التركي والروسي، ولو كانت جزئية، من خلال إعطاء المزيد من الوقت، وإفساح المجال أمام السياسة في حل هذه العقد.
المصدر :