من جديد، عادت جماعة أنصار الله "الحوثي" إلى سياسة المبادرات في جولة جديدة من الحرب الضروس التي أحرقت أخضر اليمن ويابسه.
الجماعة التي انقلبت على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، طرحت مبادرة تُفضي إلى وقف إطلاق الصواريخ على السعودية والإمارات بغية "التوصّل لسلام عادل"، و"إسقاط أي مبرّر لاستمرار العدوان".
جاء ذلك في بيان لمحمد علي الحوثي رئيس "اللجنة الثورية العليا" بالجماعة، عبر صفحته بموقع "تويتر".
وقال الحوثي - في بيان: "نعلن عن مبادرتنا بدعوة الجهات الرسمية اليمنية إلى التوجيه بإيقاف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على دول العدوان الأمريكي السعودي والإماراتي وحلفائها في اليمن",
وأضاف أنّ "ذلك جاء بعد التواصل مع المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن جريفيث، وطلبه إيقاف الصواريخ والطائرات المسيّرة، وإثباتًا لحسن النوايا وتعزيزًا للتحرّكات والجهود الرامية لإحلال السلام".
اليمن يعاني منذ نحو 4 سنوات، من حرب بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي من جهة، والحوثيين الذين يسيطرون على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ 2014، من جهة أخرى.
وخلّفت الحرب المستمرة أوضاعًا معيشية وصحية متردّية للغاية، وبات معظم سكان البلاد بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
وحديث جماعة الحوثي عن مبادرةٍ لوقف إطلاق الصواريخ ليست الأولى من نوعها، فمحمد علي الحوثي نفسه كان قد أعلن في شهر مايو الماضي طرح مبادرة شبيهة، مضمونها وقف ما أسماها "العدوان" والكف عن الغارات، مقابل وقف إطلاق الصواريخ.
وقد قال الحوثي في تلك المبادرة، وعبر نافذة "تويتر" أيضًا: "جرائم ومجازر يرتكبها طيران العدوان الأمريكي السعودي على اليمن.. أنا هنا أعلن مبادرة وأقدمها بين يدي الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمبعوث الدولي، ونقول لهم نحن جاهزون لإيقاف الصواريخ اليمنية بشرط أن يوقف العدوان طيرانه، ومستعدون بتقديم الضمانات على الالتزام بذلك مثلًا بمثل".
المبادرة الجديدة الصادرة عن مليشيات الحوثي لم يصدر عليها أي تعليق - إلى الآن - من قِبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لكنّ وسائل إعلام ناطقة بلسان التحالف سرعان ما تلقفتها لبحث ما إذا كانت طريقة حوثية لكسب الوقت في ظل التقدم الذي يقدمه التحالف على الأرض أو الأمر حقًا يمثل محاولةً لحماية الشعب اليمني.
تنقل قناة "العربية" (سعودية) عن محللين أنّ المبادرة الحوثية (الجديدة) لا تعدو كونها انحناء أمام الريح، أو بالأحرى تنازلاً فرضته ظروف عدة لعل أبرزها الأزمة الخانقة التي يمر بها الحليف الإيراني المنشغل بالعقوبات الأمريكية.
ليس هذا وحسب - تضيف القناة - فانتصارات الجيش اليمني بدعم من قوات التحالف، عرقلت أي تقدم للميليشيات على مختلف الجبهات منذ أشهر، إضافةً إلى أنّ قوات الشرعية باتت على بعد كيلومترات فقط من ميناء الحديدة شريان الحياة لمعسكر الانقلاب.
تفرض هذه التطورات تساؤلًا هامًا، هل ينبغي على السعودية باعتبارها البلد الذي تقود التحالف، تصديق هذا التوجه الحوثي الجديد، أم الاستمرار في الحرب وعدم الالتفات إلى أي ضغوط دولية أو مناورات حوثية.
الخبير العسكري اللواء جمال مظلوم يرى أنّ السعودية إذا ما أرادت أن تحمي أمنها القومي من صواريخ الحوثيين، فإنّ عليها العمل بالمزيد من طائرات الاستطلاع لاكتشاف مواقع هذه الصواريخ وتدميرها.
ويقول في حديثٍ لـ"مصر العربية": "المملكة عليها تكثيف عناصر الاستطلاع سواء طائرات بدون طيار أو غيرها من المعدات العسكرية التي تمكنها من استهداف هذه الصواريخ".
ويضيف أنّه يمكن الاعتماد على زرع عملاء في مناطق إطلاق هذه الصواريخ من أجل العمل على إجهاضها على الفور، على النحو الذي يحافظ على أمنها القومي.
ويشير "مظلوم" إلى أنّ حل الأزمة اليمنية يجب أن يكون سياسيًّا، لكنّه يشدّد على أنّ جماعة "الحوثي" تمارس عنادًا في هذا الحل، حيث ترفص أمورًا معينة أقرّتها الشرعية القائمة سواء في مؤتمر الحوار الوطني أو المبادرة الخليجية أو قرارات الأمم المتحدة.
ويتابع: "في البداية، لابد أن يكون هناك حسم عسكري من أجل إرضاخ جماعة الحوثيين إلى الحوار والحل السياسي، لكن طالما أنّهم قادرون على إطلاق مثل هذه الصواريخ فيُخيل إليهم بأنّهم نجحوا في تحقيق توازن مع التحالف العربي، وبالتالي لابد من كسر هذه المعادلة قريبًا".
ويتوقع "مظلوم" حسمًا عسكريًّا قريبًا في اليمن من قِبل التحالف العربي بقيادة المملكة، متحدثًا عن سيطرة متمددة تعجّل بقرب قوات الشرعية من حسم الأمور في اليمن.