بعد مرور 17 شهرًا على اندلاع الأزمة الخليجية بين دولة قطر، والرباعي العربي المقاطع (السعودية والإمارات والبحرين إلى جانب مصر)، بدأت تأخذ الأزمة منحى آخر، ربما يعيد العلاقات بين تلك الدول..
الأزمة والتي ظلت معقدة طيلة العام ونصف العام، من قبل الجانبين (قطر- والرباعي المحاصر)، بدأت تكال إليها الضغوط الدولية أملا في إحداث انفراجة خليجية تجمع هذه الدول على مائدة واحدة.
الحديث عن ضغوط دولية وبوادر انفراجة في الأزمة الخليجية، تزامن مع تصريحات إعلامية عربية ودولية تؤكد قرب المصالحة، وهو ما علت نبرته عقب اتهام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بإعطاء أوامر اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بالعاصمة التركية اسطنبول.
التعاون الخليجي
وكشفت صحيفة الراي الكويتية قبل يوم، أن قمة مجلس التعاون الخليجي القادمة، من المرجح أن تعقد في الرياض يوم 9 ديسمبر المقبل، وذلك رغم الخلاف المستمر مع قطر.
ولفتت الصحيفة إلى أن مستوى التمثيل لم يتم تحديده وسيخضع كما في كل مرة لمشاورات اللحظات الأخيرة، غير أن المؤشرات تظهر أن أزمة قطر لن يتم بحثها في القمة، رغم الضغوط الأمريكية لإنهاء الخلاف الخليجي.
تميم بن حمد
ونقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين ومصادر في منطقة الخليج قولهم إنهم لم يروا اقتراحات جديدة ولا خطوات ملموسة من الرياض أو من حلفائها لإنهاء الخلاف مع قطر.
وقال دبلوماسي عربي لرويترز، إنه لا يرى أي تغير فيما يتعلق بقطر وأضاف أن تصريح ولي العهد تم تفسيره بشكل خاطئ مشيرًا إلى أن الرسالة من وجهة نظره كانت موجهة للولايات المتحدة، ومفادها هو ألا تقلق على الاقتصاد القطري.
جمال خاشقجي
وقال مصدر خليجي للوكالة إن الأمير محمد سيتجنب اتخاذ أي خطوة قد تفسر على أنها ضعف لدى محاولته احتواء تداعيات دبلوماسية لمقتل خاشقجي.
ويقول دبلوماسيون ومصادر أخرى مطلعة على السياسة الخليجية إن أبو ظبي لا تعتبر الخلاف مع قطر أولوية.
ويضيفون -وفقًا لرويترز- أن الرياض وأبو ظبي تؤكدان لواشنطن باستمرار أن الخلاف لن يمنع تشكيل حلف أمني مقترح للشرق الأوسط سيشمل الدوحة.
دور إماراتي
واعتبروا أن الإمارات تساند بقوة الأمير محمد في مواجهة إيران وفي الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يسعى لتنفيذها إذ ترى أبو ظبي أنها ضرورية لمحاكاة النموذج الإماراتي المشجع لقطاع الأعمال والمتسامح دينيا في مواجهة التطرف.
وقالت إليزابيث ديكنسون وهي محللة لشؤون شبه الجزيرة العربية في مجموعة الأزمات الدولية إن الإماراتيون يرون أن السعودية هي الخيار الوحيد لقيادة المنطقة، ولم يتراجعوا ولو للحظة عن اعتقادهم بأن خطط الإصلاح التي تنفذها الرياض هي الأفضل وهي الخيار الوحيد.
وفي الساعات الأخيرة، وفي إطار الحديث عن قرب حل للأزمة الخليجية، اتّفق أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الإيطالي سيرجيو متاريلا، على ضرورة حل الأزمة الخليجية عبر الحوار.
وجاء ذلك خلال جلسة مباحثات رسمية جرت، أمس الاثنين، بالقصر الجمهوري الإيطالي "كويرينالي" بروما، بحسب وكالة الأنباء القطرية.
الدكتور مصطفى السعداوي أستاذ القانون الجنائي والخبير في العلاقات الدولية قال إن الولايات المتحدة الأمريكية لديها القدرة في إنهاء الأزمة الخليجية في الوقت التي تحدده كيفما شاءت وفي أي وقت.
وأوضح خبير العلاقات الدولية في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" أن الحديث عن تعثر أمريكي في المفاوضات ليس بصحيح بمفهومه الطبيعي، لكن يمكننا الاعتراف بوجود تأخر في المصالحة، مبينًا سبب استمرار الصراع أن أمريكا تستفيد من الجانبين (قطر ودول الحصار)، لذلك تريد استمرار المكاسب باستمرار النزاع.
قوة أمريكا
وتابع: "دولة قطر لها استثمارات ضخمة في أمريكا، ومن خلال تلك الاستثمارات يمكنها تحريك الرأي العام الأمريكي لصالحها وإجبار صانع القرار الأمريكي بالانحياز لها، والأمر مشابه كذلك مع السعودية، لذلك لن يخسر ترامب مليارات الخليج ولن ينحاز لأي طرف منهم.
وأنهى السعداوي كلامه: أمريكا هي من صنعت الأزمة بين قطر ودول الخليج، وهي من يمكنها إنهاءها.
وفي تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" قال عبد الرؤف الريدي سفير مصر الأسبق بواشنطن: "يبدو أن مساعي الخارجية الأمريكية لم تسفر عن تطورات ملموسة لحل الأزمة الخليجية.
ويرى الريدي أن الدوحة لم تتخذ أي خطوات فعالة من شأنها حلحلة الأزمة الخليجية أو تؤشر على عودة قطر إلى صوابها ودخولها تحت مظلة الصف العربي من جديد"
وأكد الريدي أن انعقاد القمة الخليجية القادمة مرهون بالتوصل إلى حل للأزمة الخليجية الراهنة.
وكانت الأزمة الخليجية بدأت في مايو الماضي، حين نقلت وسائل إعلام سعودية وإماراتية بدايةً ما قالت إنَّها تصريحات لأمير قطر تميم بن حمد، أوردتها وكالة الأنباء القطرية، تحدث فيها عن ضرورة إقامة علاقات جيدة مع إيران ووصف حزب الله بـ"المقاومة" فضلًا عن علاقات جيدة مع إسرائيل، إلا أنَّ الدوحة سرعان ما نفت التصريحات وتحدثت عن اختراقٍ لوكالتها الرسمية، فيما واصلت الأبواق الإعلامية قبل الدبلوماسية حملاتها من الجانبين، حتى بلغت قطع العلاقات.
وخلال الفترة الماضية، لم تنجح جهود كويتية رعتها واشنطن في رأب الصدع الخليجي؛ بسبب تعنّت دول الحصار، في حين أكّدت قطر أنها مستعدّة للحلّ دون المساس بسيادتها.
كما سعى ترامب لعقد قمّة في منتجع كامب ديفيد قرب العاصمة واشنطن، في مايو الماضي، لحل الأزمة الخليجية، لكن فشل جهود المصالحة حال دون ذلك بسبب تعنّت دول الحصار.
يذكر أن تقارير إعلامية تحدثت عن قرب مصالحة بين قطر والرباعي المقاطع، كضغط دولي، تحديدا أمريكي، على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لتفادي تورط ولي العهد محمد بن سلمان في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في الثاني من أكتوبر الماضي. بحسب تقارير إعلامية.
المصدر :