«الجيش الأوروبي».. هل يصطدم بـ «الناتو»؟

«الجيش الأوروبي».. هل يصطدم بـ «الناتو»؟
«الجيش الأوروبي».. هل يصطدم بـ «الناتو»؟

بين قبول ورفض، جاءت فكرة إنشاء "الجيش الأوربي"، لتطرق أبواب غالبية بلدان القارة العجوز، فالفكرة ربما تأخذ طريق التكوين الحقيقي، لكنها في ذات الوقت مازالت تثير الجدل، خصوصا في ظل تكوين أحد أكبر الجيوش العالمية "حلف الناتو".

 

ويتخوف البعض من إنشاء الجيش الأوروبي، لعدم اصطدامه بقوة "حلف الناتو" الأطلسي، والذي يحوي بداخله أهم جيوش العالم.

 

فالجيش الأوروبي، على الرغم من أنه مقترح طُرح في وقت سابق، ويروق للعديد من قادة أوروبا، فإن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، جدّد الحديث عنه، مشجّعاً نظراءه الأوروبيين على دعم وجوده، ودعمته المستشار الألمانية أنجيلا ميركل، في حين تحفظ عليه البعض كما حدث مع رئيس وزراء هولندا، مارك روتي، والذي أبدى، تحفظه على دعوات فرنسا وألمانيا لإنشاء جيش أوروبي، معتبرا أنها سابقة لأوانها، مضيفا أن أمن القارة لا يمكن أن يضمن إلا في إطار حلف شمال الأطلسي.

 

أمريكا وفرنسا

 

وقبل أيام طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكرة تكوين الجيش الأوروبي للوقوف في ظل تصاعد الجيوش الأخرى، (أمريكا والروس والصين)، وهو ما دعمته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

 

تصريح الرئيس الفرنسي عن "الجيش الأوروبي" تسبّب بأزمة دبلوماسية بينه وبين نظيره الأمريكي؛ فالأخير وصف -في تغريدة له- ما صرّح به ماكرون، بأنه "مُهين جداً".

 

وفور وصول ترامب، الاثنين 12 نوفمبر، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عائداً من باريس، بعد حضوره الاحتفال بمرور 100 عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى، غرّد على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلاً إنه أنجز الكثير خلال اجتماعاته مع قادة العالم في باريس.

 

لكنه عبَّر، في سياق التغريدة، عن رفضه عدم إنصاف الولايات المتحدة الأمريكية على المستويَين العسكري والتجاري، قائلاً: "يجب إنصاف الولايات المتحدة عسكرياً وتجارياً".

 

وتابع: "ندفع لأجل قطاعات كبيرة من الحماية العسكرية للدول الأخرى، ندفع مئات المليارات من الدولارات ثم نخسرها أمام الدول ذاتها تجارياً"، مؤكّداً أنه أخبر قادة العالم بأن "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر".

 

وقبل وصوله إلى باريس كان ترامب قد نشر تغريدة أبدى فيها غضبه ورفضه تصريحات ماكرون، التي أكّد فيها أن "أوروبا تحتاج لحماية نفسها بنفسها من الصين وروسيا والولايات المتحدة".

 

اعتراض أمريكي

 

واعترض ترامب قائلاً: "الرئيس ماكرون اقترح أن تقيم أوروبا جيشها الخاص لحمايتها من الولايات المتحدة والصين وروسيا، هذا مُهين للغاية، لكن ربما يجدر بأوروبا أولاً أن تدفع حصّتها العادلة في حلف شمال الأطلسي، الذي تدعمه الولايات المتحدة بشكل كبير".

 

ومن ناحيته اعتبر وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، أن تغريدة ترامب تشكّل "دافعاً إضافياً" لإقامة جيش مشترك للاتحاد الأوروبي، مشدّداً على ضرورة أن تؤكّد أوروبا "سيادتها".

 

وأضاف الوزير الفرنسي قائلاً: إن السؤال اليوم "ليس ما نردُّ به على ترامب، بل ما لدينا -نحن الأوروبيين- من إرادة، وما نحن قادرون على فعله".

 

لومير شدد، بحسب وكالة "فرانس برس"، على ضرورة "أن يكون الاتحاد الأوروبي قادراً على الدفاع عن نفسه، خصوصاً في مواجهة التهديد الأساسي الذي يشكّله اليوم الإرهاب".

 

وأردف: "أوروبا يجب أن تؤكّد اليوم سيادتها، ويجب أن تدافع عن مصالحها الاقتصادية، وعليها أن تؤكّد رؤيتها للضرائب العادلة والناجعة".

 

جيش أوروبي

 

بدورها لم تقف المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، مكتوفة اليدين أمام ارتفاع شدة التصريحات هذه؛ لتصرّح بضرورة العمل على رؤية وجود جيش أوروبي حقيقي.

 

وقالت ميركل، قبل أيام، في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي للمناقشة حول مستقبل أوروبا، في ستراسبورغ: "علينا تطوير أدواتنا السياسية للعمل على مصلحة مواطنينا، ولكن علينا العمل على رؤية وجود جيش أوروبي حقيقي".

 

وأضافت ميركل: "أنا لست ضد الناتو بالتأكيد، ولكن يمكننا أن ندعم الناتو أكثر، وسيكون أسهل إذا تعاون بعضنا مع بعض".

 

جاي فيرهوفتشان عضو البرلمان الأوروبي والمناصر العريق للفيدرالية كتب في تغريدة: "الرئيس ماكرون يستخلص الاستنتاج الصحيح من سياسة "أمريكا أولًا" التي يتبعها ترامب. إذا كنا نريد ضمان أمننا الأوروبي, نحتاج لأن نتولى مصيرنا بأنفسنا عن طريق الدمج التدريجي لقوات الدفاع الأوروبية في جيش أوروبي."

 

هناك الكثير من رجال السياسة الأوروبيين الأقوياء الذي يعارضون فكرة "الجيش الأوروبي الحقيقي," لكن مجريات الأمور تسير لصالح الرئيس الفرنسي، في العام الماضي, وقعت 23 دولة على اتفاقية تعاون دفاعي أوروبي جديدة, معروفة باسم اتفاقية التعاون المنظم الدائم (بيسكو). وفقًا لوزيرة خارجية الإتحاد الأوروبي فيديريكا موجريني, تُعد خطوة الاندماج هذه "يومًا تاريخيًا للدفاع الأوروبي." قبل أن يجف الحبر, دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إبف لودريان الاتحاد الأوروبي إلى "المضي أبعد من ذلك."

 

من الواضح إنه ينبغي أخذ إمكانية تشكيل جيش أوروبي على محمل الجد. لهذا السبب البلادة الفكرية لحُجة ماكرون المبالغ فيها مزعجة للغاية.

 

نفوذ عسكري

 

إن الأمر لا يتعلق بأن النفوذ العسكري الأوروبي الملائم قد يتحقق بكفاءة أعلى إذا جمّعت الأمم مواردها. أو أن هذه القوة قد تكون قادرة على التصرف بطريقة حاسمة أكثر من الجيوش الوطنية التي تعمل بجانب بعضها البعض. هذه ليست حُجج قوية, لكنها أقوى من تأكيد ماكرون على أن "الجيش الأوروبي الحقيقي" هو السبيل الوحيد لحماية القارة.

 

وقبل ساعات، أعلن رئيس وزراء هولندا، مارك روتي، تحفظه على دعوات فرنسا وألمانيا لإنشاء جيش أوروبي، معتبرا أنها سابقة لأوانها، مضيفا أن أمن القارة لا يمكن أن يضمن إلا في إطار حلف شمال الأطلسي.

 

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن روتي قوله خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي إن "فكرة الجيش الأوروبي ليست واقعية بالنسبة إلى هولندا".

 

وأضاف "فرنسا وألمانيا تعملان على حرق المراحل. بالنسبة لهولندا يبقى حلف شمال الأطلسي حجر الزاوية لسياستنا الدفاعية".

 

جيوش أوروبا

 

وتضم القارة الأوروبية 31 جيشاً، يحتل عدد منها مكانة متقدّمة بين أقوى جيوش العالم، ويأتي أقوى جيش أوروبي في المرتبة رقم 5 عالمياً، وهو الجيش الفرنسي.

 

الجيش الفرنسي، الذي يُعتبر أقوى الجيوش الأوروبية، بحسب موقع "غلوبال فير بور" الأمريكي، يصل تعداد جنوده إلى 387 ألف جندي، بينهم 183 ألفاً في قوات الاحتياط.

 

يمتلك الجيش الفرنسي أكثر من 1300 طائرة حربية، بينها 296 مقاتلة، و284 طائرة هجومية، بينما يصل عدد المروحيات في الجيش الفرنسي إلى 610 مروحيات عسكرية، بينها 49 مروحية هجومية.

 

إلى جانب هذا، يمتلك الجيش الفرنسي 406 دبابات، وأكثر من 6800 مدرّعة، و325 مدفعاً ذاتي الحركة، و233 مدفعاً ميدانياً، إضافة إلى 44 راجمة صواريخ.

 

أما الأسطول البحري الفرنسي فيضم 118 قطعة بحرية، بينها 4 حاملات طائرات، و11 فرقاطة، و4 مدمّرات، إضافة إلى 10 غواصات، و17 سفينة دورية، و18 كاسحة ألغام بحرية.

 

وتصل ميزانية دفاع الجيش الفرنسي إلى 35 مليار دولار، وبهذه الإمكانات يسيطر الفرنسيون على الرقم واحد بالقوة العسكرية أوروبياً.

 

وتأتي بعد فرنسا بقية الدول الأوروبية، التي تعتبر أقواها بريطانيا، حيث يبلغ إجمالي عدد جنود الجيش البريطاني 232 ألف جندي.

 

أما الأسطول الجوي البريطاني فيضم عدداً متنوّعاً من الطائرات المقاتلة بمجموع 856 طائرة.

 

القوات البريطانية تملك في قوتها البرية أسلحة مختلفة، أهمها الدبابات التي يبلغ عددها 249 دبابة.

 

ويبلغ عدد السفن الحربية التابعة للجيش البريطاني 76 سفينة، بينها حاملتا طائرات، وتصل ميزانية هذا الجيش إلى 45 مليار دولار.

 

الجيش الإيطالي

 

ويعتبر الجيش الإيطالي من الجيوش القوية في أوروبا والعالم، بميزانية تبلغ 34 مليار دولار سنوياً، وتمتاز البلاد بجيش كبير ومدرَّب يبلغ تعداده 320 ألف جندي.

 

هذه القوات تملك 586 دبابة، في حين يبلغ عدد الطائرات المقاتلة 760، وبحرياً يتميز الجيش الإيطالي بقوة مجهّزة بعدد من القطع الحربية المهمّة، أبرزها الغواصات التي يبلغ عددها 6 غواصات، في حين تملك قطعتين من حاملات الطائرات.

 

ومن بين الجيوش القوية في أوروبا يبرز الجيش الألماني، بعدد جنود يبلغ 210 آلاف جندي، ويملك تجهيزاً عالياً في أسلحته القتالية المختلفة، حيث يملك 698 طائرة مقاتلة من أنواع مختلفة. وفق تقارير إعلامية.

 

يُضاف إلى ذلك عدد كبير من القطع العسكرية البرية، أبرزها الدبابات، إذ يملك الألمان 543 دبابة، أما القوات البحرية فهي مجهّزة بـ81 سفينة حربية، في حين تصل ميزانية الجيش الألماني إلى 39.2 مليار دولار.

 

قدرات أوروبا العسكرية

 

يذكر أن الاتحاد الأوروبي أسس صندوقا دفاعيا بعدة مليارات يورو العام الماضي بهدف تطوير قدرات أوروبا العسكرية، وجعل القارة أكثر استقلالية على الصعيد الإستراتيجي.

 

وكانت الدعوة لتأسيس جيش أوروبي موحد انطلقت من فرنسا عام 1950، وأخذ الجدل حولها بعدا تصاعديا منذ عام 2000، ويقصد بهذا الجيش تحالف دفاعي بين الدول أعضاء الاتحاد على غرار حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتطوير هذا الحلف إلى قوات أوروبية موحدة تديرها وزارة دفاع أوروبية موحدة.

 

كما تزعمت فرنسا جهودا لإنشاء قوة من تسعة بلدان تكون قادرة على التحرك سريعا لتنفيذ عمليات عسكرية مشتركة وعمليات إجلاء من مناطق حرب، وتقديم الإغاثة عند وقوع كوارث طبيعية.  

 

وكان أعضاء الاتحاد -باستثناء بريطانيا والدانمارك ومالطا- قد اتفقوا في ديسمبر 2017 على تشكيل آلية الدفاع الأوروبية الدائمة (بيسكو). ورحبت وزيرة الدفاع الألمانية أوروسولا فون دير لاين بتشكيل هذه الآلية وسمتها "الاتحاد الأوروبي للأمن والدفاع" واعتبرتها خطوة ممهدة لتأسيس جيش أوروبي موحد.

 

وبموازاة تشكيل هذه الآلية، عرضت تركيا مشاركتها بتشكيل جيش أوروبي موحد بنحو ستين ألف جندي بمجرد انضمامها لعضوية الاتحاد الأوروبي.

 

 

المصدر :

السابق أخبار الكويت | سعود أبوصليب يعلن استقالته من عضوية مجلس الأمة الحالي | عيون مصر الاخبارية
التالى أخبار الكويت | «التخطيط»: برنامج نوعي متكامل لإعداد القادة الشباب خلال موسم التدريب الصيفي | عيون مصر الاخبارية